كلنا يعلم بأنّ لعلم الوراثة أثره الهام علی ظاهر الشخص لذلك يحصل الأطفال علی ظاهر شيبهاً بأولادهم. بيد أنّه يجب ألا نتجاهل دور الأسباب البيئية لأنّ هذا الأمر له أثر كبير في بعض الأحيان حيث يسبّب أن يكون للطفل ظاهراً أجمل من والديه. علی سبيل المثال، للناشئين الآن قامة أطول من والديهم بسبب نظام غذائي أفضل وتعرضهم القليل أمام ضوء الشمس لذلك يصيبون بشكل أقل بالنسبة إلی أولادهم بالشامات والأوشمة والبقع الجلدية الملتهبة. فهناك أسباب بيئية مختلفة فيما يتعلق بالأنف أيضاً والتي بإمكانها أن تسبّب شكل أنف للأطفال أجمل من والديهم.
فإليك بعض الأسباب المؤثرة في نمو الأنف بشكل موجز.
كقانون عام في جسد الإنسان كلّما كانت للعضو أنشطة أكثر ينمو أكثر والعكس صحيح أي عندما تفقد بعض أجزاء الجسد أنشطتها تحلّل تدريجياً. لمزيد من الإيضاح دققوا في الصورة التالية.
كما نراه في الصورة هناك شخص لم يستخدم رجله الأيسر بسبب إصابته بشلل الأطفال وأصبحت رجله في السنوات القادمة أقصر وأنحف بالنسبة إلی أخری. وهذا يعني أنّه لم تنمو عضلات رجله الأيسر كما لم تنمو عظامها أيضاً بشكل كاف. هذا القانون يصدق تماماً بالنسبة إلی الأنف أيضاً. يتعلق نمو الجيوب الأنفية وجوف الأنف والخدود والفك العليا والأسنان والقسم الداخلي للوجه عامة بالتنفس كافية طيلة فترة الطفولة والمراهقة. وإذا لم يكون التنفس طيلة فترة النمو من خلال الأنف، تحدث خلل في شكل الأنف والوجه فإليك أمثلة مؤكدة عليها علمياً في التالي:
إذا تمّ انسداد الأنف بشكل كاملة لسبب ما في فترة الطفولة ولم يكن الشخص يستطيع التنفس من خلاله (مثلاً إذا كان للطفل الزائدة الأنفية الكبيرة) لم ينمو أنفه فيبقی صغيراً رقيقاً إلی حدّ ما. فلم يكن لوجه هؤلاء الأشخاص عرض مناسب ويكون لهم وجه واسع بخدود غير بارزة في مرحلة البلوغ. فيمكن أن يتراءی طرف أنفهم أكبر بكثير من حجمه الطبيعي نسبياً بسبب رقة وضمور أجزاء الأنف العليا. (الصورة رقم 1 في اليمين). من ميزات هؤلاء الأشخاص أنّ لهم فم مفتوح دائماً وفي كل حالة ويمكن مشاهدة أسنانهم دائماً بدون ضحكة أم تحدث. ( الصورة رقم 1)
لأنفنا عضلات تساعدنا لفتح تجاويف الأنف. نستخدم هذه العضلات عندما نحتاج إلی استنشاق هواء أكثر من الأنف (علی سبيل المثال حين الرياضة). وإذا انسد الأنف نسبياً منذ الطفولة بحيث يمكن الشخص أن يتغلّب علی مشكلة انسداد أنفه مستخدماً العضلات الموسعة للأنف يتسبّب الانكماش المتكرر والمفرط لهذه العضلات بمرور الزمن أن يوسّع الجزء الأسفل من الأنف ويسبّب ذلك تجاويف كبيرة جدّاً. (الصورة رقم 2)
عندما أصيب الشخص منذ الطفولة بكسر الأنف بسبب الضربات الواردة عليه، رغم أنّ هذا الكسر يكون في البداية صغيراً لايذكر ولكن بمرور الزمن يؤدّي ذلك إلی نمو العظام بشكل مائل والحصول نهائياً علی أنف ذي تشوّه غير متقارن. (الصورة رقم 3)
إذا أصيب مسار واحد للأنف فقط بالانسداد منذ الطفولة ويكون المسار الآخر مفتوحاً، يؤدي ذلك إلی فروقات في نمو تجاويف الأنف وجيوبه الأنفية في طرفي الوجه ويوجد نهائياً تكبير طرف الوجه وتصغير الطرف الآخر. رغم أنّ عدم تقارن الوجه أمر يمكن رؤيته في جميع الأشخاص الأصحاء بيد أنّ الذين يشكون من هذه المشكلة تظهر هذه الحالة عليهم بشكل أكثر وضوحاً. (الصورة رقم 4)
عندما كانت هناك نمو مفرط للغشاء المخاطي لتجاويف الأنف بسبب الحساسية تتكون الزوائد الأنفية. وإذا لم تعالج هذه الزوائد وتتواصل نموها يمكن لها امتلاء تجاويف الأنف وتسبّب النمو البطيء للعظام إلی الخارج بسبب الضغط الذي تمارس علی جدار الأنف الداخلي فيوسّع الأنف. هذا الحدث لايقتصر في الأطفال فحسب بل يمكن إصابة البالغين به أيضاً. الصورة رقم 5)
المواضيع المذكورة أعلاها جزء من الأسباب البيئية المؤثرة علی شكل الأنف. بشكل موجز يمكن القول أنّ جميع أمراض الأنف والجيوب الأنفية أيام الطفولة إذا تتحوّل إلی أمراض مزمنة يمكن لها أنّ أثرّت علی شكل الأنف. لذلك يمكن الحيلولة دون تشوّه الأنف بعلاجها المناسب.